قصة كوما هو نَفس الصوت الملعون؛ اللي سِمِعتُه في نُص الليل لمّا كنت سهران على السّطح، ومعاه فقَدت سَيطَرتي على نَفسي، مُش بَس الدُّنيا اسوَدَّت حواليّا ساعتها وحَسّيت بَصاعِق كَهربا على راسي، لا؛ دا أنا وَصَلت لِمَرحلة إنّي كُنت بَصرُخ بجنون، ودَخَلت في نوبة انهيار زيّ الدَّوامة…
**
“1”
“دَم؛ ضَلمَة؛ إحسَاس عَنيف، زي ما يكون في زِلزَال جوَّه جِسمي، مُش عارِف ليه حسيت بروحي بتنسِحِب، كأنّي نازِل من مكان عالي!”
كان مَشهَد مُخيف، لمّا لَمَحت الشَّنطَة القديمة اللي مَركونَة على السَّطح بِتِتحرَّك، واللي زاد الموضوع رَهبة؛ هو إننا كُنّا باللّيل، تَخيّل تكون سَهران؛ وفجأة تشوف مَنظَر زي دَه!
بَس اللي لَفَت انتباهي؛ إن الشَّنطة دي في مَكانها من سنين طويلة، التُّراب كان مِغَطِّيها، دا غير إن الشَّمس غيّرت لونها، وخلَّت الجِلد بتاعها يِنشَف، بدأت أفكَّر؛ إيه اللي مُمكِن يحرَّكها من مكانها، كان تَخميني إن وراها حاجة بتزُقّها، قُطّة مثلًا، بَس لقيتني بسأل نَفسي، قُطّة إيه اللي تحرَّك شَنطَة بالحَجم دَه؟!
**
“2”
“الخوف، لو مَقَتلتوش؛ هَيقتِلَك، بَس قبل ما أعمِل الخطوة اللي هَعمِلها دي، سألت نَفسي، هو الخوف يِنفَع يتقَتَل؟”
لأوّل مرَّة حبّيت أهزِم شعوري بالعَجز، قومت مِن مكاني، وبدأت أقرَّب مِن الشَّنطة، عُمري ما فكّرت طول السنين اللي فاتِت إنّي أسأل نَفسي إيه اللي جوّاها، لا فَتَحتها، ولا سألت حَد عنها، وتقريبًا مَكَنش حد بيقرّب منها خالِص، دا غير إن البيت عندنا مَفيهوش حد مُهتَم بالسَّطح، أنا بَس اللي بَطلع مِن وَقت للتّاني.
لمّا قرَّبت منها بصّيت وراها، ساعتها ملقتش حاجة، وهِنا كُنت مِحتار، هو أنا كان بيتهيّألي إنها اتحرَّكت؟ ولا هي اتحرَّكت فعلًا ودي مُش تهيّؤات!
لأوّل مرَّة أجرَّب إحساس الفضول، نزِلت على الأرض؛ وبدأت أقرَّب إيدي من الشَّنطة، ومدّيت إيدي التّانية في جيبي، سَحبت تليفوني، وفَتَحت الكشّاف، ولمّا نوَّرت ناحيتها؛ لقيتها مُش مَقفولة كويّس؛ عَشان كِدَه قرَّرت أفتَحها.
لاحِظت إن الشَّنطة تقيلة، وعرِفت السَّبب لمّا فَتحتها، كانت مليانة كُتُب قديمة، كُل عناوينها بتتكلّم عن القانون والتَّشريع؛ فَعرِفت إنّها كُتب خالي أيّام ما كان في كُلّية الحقوق، بَس مُش عارف هي ليه موجودة من سنين طويلة كِدَه!
كُل حاجة كانت ماشية كويّس؛ دا حتّى أنا نسيت إنّ الشَّنطة اتحرَّكت لوحدها، ونسيت الخوف اللي كان جوّايا؛ لِحَد ما إيدي جَت على كِتاب لون الوَرَق اللي فيه أصفَر، مَكَنش لُه جِلدة، وبمُجرَّد ما لَمَسته، سِمعت صوت مُخيف، كانت صَرخَة، بَس حسّيت معاها بِنَفَس سُخن قُريّب من وِدني، ريحتُه كانت مُقزِّزة، ومُش عارف ليه فضولي خلَّاني ألتِفِت ورايا، عشان أشوف…
**
“3”
“هو اللي أنا عَملته في الأوّل؛ لمّا قرَّبت من الشَّنطة؛ كان فضول، ولا التِفاتِي ورايا هوّ اللي كان فضول؟”
مَفَكّرتِش في حاجة، غير في إني أعرف إيه النَّفَس السّخن ده؛ فكان طبيعي ألتِفِت ورايا، عشان أشوف رِجلين مَليانة شَعر، أنا اتأكّدت من دَه؛ لمّا قرّبت ناحيتها كشّاف التليفون وإيدي بتِرتِعش، رَفَعت عيني لفوق؛ لكن مقدِرتِش أوصل لباقي الجِسم اللي ورايا.
صوت الصّرخة كان لسّه مُستمر، وكان أصعب حاجة لمّا كشّاف التليفون انطَفى، والصرخة بدأت تزيد، وأنا بدون ما أعرف عملت دَه ازّاي؛ لقيت نَفسي بصرُخ معاها!
ومِن وقتها، وكان جوّايا رغبة في إني أصرُخ كتير؛ عشان أهرب من الخوف والألم اللي حسّيت بيهم؛ حتّى لو بالموت.
**
“٤”
“مُش كُل حاجة بتشوفها بتكون حقيقة، أنا بتفكيري السّاذج؛ حاولت أقنع نَفسي بِكِدَه”
في البداية؛ سِمِعت صوت حد ماشي، بدأت أركّز مع الخطوات، كانت بتقرّب منّي؛ لِدَرجة إنّي حسّيتها وَقَفِت قدّامي بالظَّبط، كُنت فاكِر نَفسي بَحلَم أو بيتهيّألي، لكن اتفاجأت بإيد بِتِتحَط على كِتفي، وبعدَها سمعت صوت طِفل بيقول لي:
-خلّيني هِنا، أنا مُش عاوز أروح معاه!
تَخيَّل إنك سامِع صوت؛ لَكن مُش شايف اللي بيتكلّم!
حاوِلت أنطَق، لَكِن كان في حاجة بتِمنَعني، لِدَرجة إني سِمِعت صوت الطفل تاني، كان بيقول لي:
-رُد عليّا، حاوِل تِعمل أي حاجة!
كُنت عاجِز عن إني أعمل أي حاجة، أو إنّي حتّى أرُد على صوت الطّفل اللي بيكلّمني عشان أطَمّنه، اللي بالمناسبة مكانش غريب عليا، لكن مقدرتش أفتكر صوت مين، ولمّا مقدِرتش أتصرَّف، سِمِعت صوت الخطوات من تاني، لَكن المرَّة دي، كانِت بتِبعِد!
**
“5”
“أنا لِحَد دِلوَقت؛ مُش فاهِم حاجة”!
مُش عارف أنا فين، لكن هي نَفس الضَّلمة، نَفس الصوت الملعون، الصَّرخة، لَكن في صوت جِديد ظَهَر، أنا سمعت صوت صَفحات كِتاب وهي بتتقلّب، ومَع كل صفحة بتتقلب، كانت في رَجفة بِتهِز قلبي!
**
“6”
“شيء صَعب؛ لمّا كل حاجة بتشوفها، تكون متحدّدة بالأسود”
أنا شوفت نَفسي قاعِد في مكاني، قَبل ما الشَّنطة تتحرّك، والغريبة؛ إني حسيت وكأنّي حَد غيري، وكنت قادِر أشوف في الضَّلمة اللي حواليّا.
السَّطح كان باين قُدّامي فاضي، حتّى الشَّنطة مَكَنِتش موجودة، لكن سمعت صوت خطوات زي اللي كُنت سامِعها قبل ما أرجع من تاني لمكاني، بدأت أبُص ناحية الصوت، كان جاي من الأوضة الوحيدة اللي على السَّطح، غَصب عنّي لقيت نَفسي بقوم من على الكُرسي، وبقرَّب من الأوضة، لَكِن ساعِتها وَقَفت فجأة؛ لمّا سِمعت صوت الخطوات بتقرّب، وساعِتها شوفت “فَضل”!
أنا فاكره كويّس، كان طِفل صغيّر ابن جارنا، وكان بيحب يطلع يطيّر الطيّارة الورق بتاعته من فوق سطحنا، عشان أعلى من سَطح بيتهم، وفي ليلة بَعد المَغرب، سِمعنا الناس في الشارع برَّه بتُصرُخ، ولمّا خرجنا نشوف اللي حَصَل، لقينا “فَضل” نايم في أرض الشارع، والدَّم مغرَّق الدّنيا من حواليه؛ ساعِتها عرِفنا إنه وَقَع من فوق وهو بيطيّر الطّيارة!
اللي كُنت مُندَهِش منّه، هو ازّاي وَقَع في الشّارع، برغم إنه المفروض بيُقف كُل مرّة ناحية المَسقط اللي في البيت من ورا، لأن ده الاتجاه اللي كانت بتطير فيه الطّيارات!
كُل دَه افتَكرته وأنا بَبُص في عينيه، اللي كانت بتِلمَع في الضَّلمة، وساعِتها لقيته بيقول لي:
على طول افتَكرت كلامه: عَشان كِدَه سألته:
-مَكُنتِش عاوز تروح مع مين يا “فَضل”؟
-معاه يا عم “شريف”!
-مَع مين؟
-…
-أنت مُش مُت يا “فَضل”؟ أنت ازّاي هنا؟ أنا عارف إن اللي قدّامي دلوقت روحك مُش أنت.
-بُص وراك يا عم “شريف”!
**
“7”
“في كُل مرّة الواحد يِلتِفت وراه، مُمكن فعلًا يخاف؟”
لقيت نَفسي بَبُص ورايا، لكن قبل ما ألمَح حاجة، سِمعت الصوت الملعون من تاني؛ الصّرخة، وشمّيت نَفس الرّيحة المُقزّزة، وساعِتها شوفت نَفس الرّجلين اللي مليانة شَعر أسود، لكن اللي استَغرَبت له، إنّي ازّاي قادِر أشوف كُل دَه بوضوح، في السّواد اللي مالي المكان من حواليّا!
مَقدِرتش أقاوم الرَّجفة اللي في جِسمي، ولمّا رَفَعت عيني لفوق من تاني، لَمَحت في المرّة دي جِسم الكَيان اللي واقِف ورايا، ولَمَحت راسه، كانت نَفس راس البَقرة، لكن قرونها كانت ممدودة لقُدّام!، كانت أكتر حاجة مُرعبة مُمكن أشوفها في حياتي، ومُش عارف إيه علاقتها بِـ “فَضل”، ولا عارف إيه اللي جاب حاجة زي دي على سَطحِنا، لكن بمجرّد ما بدأت أستعيذ، الكَيان دَه اختَفى، في نفس الوقت اللي سِمِعت فيه صوت خطوات بتِجري، ولمّا بصّيت ناحية “فَضل”، مَكَنش موجود!
بدون تَرَدُّد؛ لقيت نَفسي بدخل الأوضة، وبدوَّر في كُل رُكن فيها، لكن للأسف، مَكَنش فيها حَد، كُل حاجة اختَفَت، مَفيش بَس غير صوت صَفحات الكِتاب اللي كُنت سامعها وهي بتتقلّب!
مُش عارف ازّاي كان قلبي جامِد كِدَه، رِجِعت قَعَدت في مكاني، ولا كأن في حاجة حَصَلِت، بَس اللي اتفاجأت بُه، هو إنّي شوفت “فَضل” من تاني، كان قاعد على سور السَّطح، قَلبي اتنَفَض من مكانه، قومت أجري عشان ألحَقه، لكن قَبل ما إيدي تِمسكه، كان بيِسقَط في الشّارع!
**
“8”
“فعلًا، مَكَانِتش حاجة متوقّعة أبدًا”
في اللحظة دي، وبَعد ما شوفته بيِسقَط في الشّارع؛ لَقيت نَفسي شايفه وهو في بيتهم، كانت أمّه بتتخانِق معاه، وبتقول له:
-أنت جايب الكِتاب دَه منين يا “فَضل”؟!
ساعتها رد عليها وهو بيخبّيه ورا ضَهره وقال:
-لَقيته مَرمي عند بتاع الرّوبابيكيا.
لكنّها صَرَخِت في وشّه وقالت:
-روح ارميه في أي داهية، دا كِتاب سِحر وإحنا مُش ناقصين مصايب!
لقيته بيرُد عليها بسُخريّة وبيقول لها:
-بجد؟ يعني أنا بالكِتاب دَه مُمكِن أبقى ساحِر؟!
صرخت في وشه وقالت:
-دا كِتاب ملعون يابني، ارميه!
لَكن “فَضل” في الوَقت دَه هِرِب من البيت، بَس وهو خارِج، أخَد طيّارته الوَرق من المَدخل، وساعِتها دَخل عندنا البيت زي كل يوم، وإحنا متعوّدين إنه بيِطلع السطوح ومحدّش بيقول له حاجة، واتَّضح في اليوم دَه، إنه كان طالع فوق؛ عشان الكِتاب!
في الوَقت دَه، شوفت نَفسي قاعِد في مكاني على السطح، وشايف “فَضل”، كان رامِي الطّيارة بتاعته وقاعِد على الأرض فاتِح الكِتاب، وبيقرأ فيه، ومع الوَقت، لَقيته بيتمدّد في الأرض، وبيتشنّج، في اللحظة دي مَكُنتِش قادر أقرّب منّه، حسيت إن جِسمي مشلول، بس شوفته وهو بيعافِر.وبيقفِل الكِتاب، وبياخدُه ويروح به ناحية شنطة الكُتب، وبيفتَحها وبيحُطّه تَحت الكُتب!
دي مَكَانِتش النّهاية، دي كانت بداية لَعنة سِكنِت السَّطح، فجأة ظَهر قدّامه نَفس الكيان المُخيف اللي شوفته، ولمّا انتَبه لوجوده، بدأ يرجَع بضهره، لحد ما وصل ناحية سور السَّطح، ومن شِدّة خوفه، لقيته طِلع فوق السّور، نَفس المَشهد اللي شوفته فيه قَبل ما يِسقَط في الشّارع، ولمّا لقى الكيان دَه بيقرّب منّه، الخوف اللي جوّاه خلّاه يِرمي نَفسه في الشّارع!
أنا كِدَه فِهِمت ليه يوم ما مات لمّا طِلعنا على السَّطح، كانت طيّارته موجوده زي ما هي على الأرض!
**
“9”
“أنا بَقى…”
مَكُنتِش أعرف حاجة عن الشَّنطة ولا الكِتاب، ولا حد كان يتوقّع إن ده يكون سَبب الحادثة اللي حَصَلِت، كُلّه كان فاكِر إن شقاوة طفل صغيّر هي السّبب في إنّه يسقَط من فوق السطح، لكن اللي فهِمته، إن وجودي على السّطح كان غير مرغوب فيه؛ لأن باختصار الكيان دَه تَقريبًا بقى بيعتبر المكان اللي فيه الكتاب مِلكُه!
قَبل ما يحصل اللي حَصل، كُنت بَحِس بشيء غير مُريح في السَّطح، وكُنت بقول يِمكن دَه بسبب إن محدّش بيطلع فوق غيري، لكن الموضوع كان أكبر من كِدَه، أنا دِلوقت بقرّب من الشّنطة تاني، فتَحتها وبقلّب في الكُتب، ولمّا وصلت للكتاب القَديم اللي “فَضل” خبّاه تحت الكُتب، سمعت الصوت الملعون إيّاه، الصّرخة، وحسيت بوجود بالكيان دَه ورايا، وساعتها سمعت صوت مُخيف بيقول لي:
-اللي بيَفتَح الكِتاب، روحه بتبقى مِلك لخادِم الكتاب!
رميت الكِتاب من إيدي، وبدأت التِفت ورايا، في المرّة دي شوفت المَسخ دَه بوضوح، بدأت أصرخ، حسّيت بألم رهيب في جِسمي، وبقيت زي ما يكون جالي حالة صَرَع، لقيت نَفسي بَجري ناحية سور السَّطح، ولمّا لقيته بيقرّب منّي، افتَكرت اللي “فَضل” عَمَله، ولقيت إنّي أفقِد روحي أهون من إنّها تكون مِلك لِمَسخ زي ده؛ عشان كِدَه، لقيتني بَسيب نَفسي، عشان أسقَط في الشّارع!
**
“10”
“صوت صفّارة، كنت بَسمَعه بانتِظام”
-حمدالله على سلامتك يا أستاذ “شريف”!
صحيت لقيت نفسي في مُستشفى وجَنبي مُمرّضة، وعلى يميني شبّاك إزاز كبير، وراه ناس واقفين يبُصّوا عليّا، لكن مكنتش عارف حد فيهم، أنا حتّى مُش عارِف إذا كان “شريف” دَه هو اسمي ولا لأ!
كُنت بَبُص لها ومَبَرُدّش، ساعتها لقيتها بترفع سمّاعة تليفون وبتتكلّم:
-أستاذ “شريف” فاق يا دكتور!
يادوب حطّت السّماعة من إيدها، وباب الأوضة اللي أنا فيها اتفَتَح، ساعِتها دَخل واحد لابس أبيض، قرَّب منّي وقال لي:
-حمدالله على سلامتك، إيه يا راجل الغيبة الطويلة دي، أنت قرّبت على شهر وأنت في “كوما”، بَس اطّمن، هتبقى زي الفل، كُل الضرر بَس إن هيبقى هناك فُقدان جزئي في الذّاكرة، هنتغلّب عليه بالعلاج إن شاء الله، الصدمة كانت شديدة على دماغك، أنت وقعت من ارتفاع برضُه، بس الحمد لله إنك مفارِقتش الدُّنيا، اللي حَصل دَه مُعجزة.
مَكُنتِش عارف هو بيتكلّم عن إيه؛ عشان كِدَه سيبته يكمّل:
-أنت مُش هَتفتِكر حاجة قبل اللي حَصَل لك، بَس كل اللي حصل معاك أنا واثق إنك شوفته في الغيبوبة، ومُش عارِف هتكون فاكره ولا لأ، لو فاكره يبقى دَه مؤشّر كويّس إن العلاج هَيجيب معاك نَتيجة بسرعة، قول لي:
-أنت فاكِر أي حاجة شوفتها قبل ما تفوق؟!
فعلًا مكُنتِش فاكِر أي حاجة، حسيت إن الفترة اللي عشتها قبل ما أفتح عينيا اتحذفت من مخي؛ عشان كِدَه قولت له:
-مُش فاكِر، أنا حتّى مُش عارف أنا مين!
لقيته بيهِز راسُه وبيقول لي:
-طيّب بُص ناحية الشّباك الإزاز دَه كِدَه، دول قرايبك، قول لي، فاكِر حد مِنهم؟!
بصّيت ناحيتهم، فعلًا مكُنتِش عارف أي حد فيهم، لكِن شوفت حد واقِف وراهم، كيان غريب، راسه زي راس البَقرة، له قرون ممدودة لِقُدّام، دي الحاجة الوحيدة اللي حاسِس إنّي شوفتها قبل كِدَه وعارفها، في الوَقت دَه، جِسمي اتنَفض؛ عشان كِدَه الدّكتور سألني من تاني:
-تعرف فيهم حد؟
لقيت نَفسي ببص على الكيان دَه وبَصرُخ، زي ما تكون جاتلي حالة هيستيريا، بعدها بدأت أفقِد إحساسي باللي حواليّا، وكُنت سامِع صوت الدكتور وهو بيصرُخ:
-حقنة مُهدّأة بسرعة.
بعد ثواني، حسّيت بشكّة في دراعي، بعدها بدأت أحس نَفسي بَزحف على الأرض بسرعة رهيبة، الدُّنيا ضلمة، صوت الدكتور كان واصِلني من بعيد وهو بيقول:
-شَكله هيدخُل في حالة “كوما” من تاني!
لكن اللي كان بيَحصل في الحقيقة، هو إني كُنت شايف نَفسي والكيان المُرعِب دَه ماسِكني من رجلي، وبيجري بيّا ناحية ضَلمة، ضَلمة مُخيفة!
آخر حاجة سمعتها كان صوت مشوّش؛ صوت الدكتور وهو بيقول: دخل في كوما من تاني، محدش كان قادر يفهم إني مدخلتش في كوما، أنا كنت داخل على عالم مخيف؛ لأن الكائن البشع ده كان حقق تهديده، لما قال: اللي بيَفتَح الكِتاب، روحه بتبقى مِلك لخادِم الكتاب.
***
تمّت…
#كوما
#محمد_عبدالرحمن_شحاتة